المنصة الحرة

المحور الثالث راي الدكتور محمد سيف

مجلة المشهد المسرحي

المنصة الحرة

المحور الثالث

كتب المحور الثالث الناقد المتمرس لطفي العربي السنوسي :
ما يزال مصطلح الابداع النسائي مثار جدل ونقاش في الاوساط الثقافية العربية رغم انه قد استوفى كل مبررات حضوره كجنس ابداعي مختلف ومنفصل عن سياقاته المجتمعية والحضارية
وقد حسمت اوروبا في هذه المصطلحات واعتبرتها هجينة ونتاج عقلية ذكورية تكرس دونية المراة…والواقع ان ظهورها كان لصيقا بالحركات النسوية ومعاركها من اجل تحرر المراة مع بداية الستينات من القرن الماضي من سلطة النظام البطريكي الذي صنعه الرجل وفرضه وسيطر عليه وبالتالي فان اسئلة من مثل ..ما المسرح النسائي ….وما النقد النسائي هي اسئلة من باب العود على البدء .نخوضها هنا على منبر المنصة الحرة التي اطلقتها مجلة المشهد المسرحي بشكل جدي ونهائي وعليه نسال باصرار…ما المسرح النسائي …وما النقد النسائي …..وما هي ملامح وخصوصيات هذا المسرح وهذا النقد…..هل نحن امام توصيفات على اساس النوع ام هي مفاهيم لها ما يبررها في مستوى التنظير والممارسة…الا تتحرك المراة الناقدة تماما كالرجل الناقد على ذات المرجعية المعرفية بكل ما راكمته على امتداد التاريخ الانساني…..ثم هل يمكن تصنيف الابداع على اساس النوع والجنس……اليس في ذلك اصرار ذكوري على تكريس النظرة الدونية للمراة ……اليس من الاجدر الحديث عن مسرح انساني بدل الحديث عن مسرح نسائي…..نسوي..انثوي…

** المنصة الحرة تنشر راي الدكتور الفنان والناقد محمد سيف من اجل ان تكون الرؤيا واضحة للاصدقاء بما ذهب اليه ويتوخاه الصديق الناقد المتمرس لطفي العربي السنوسي من طرحه للمحور الثالث للمنصة الحرة .

* راي الدكتور محمد سيف :

ما المسرح والنقد النسائي وما هي ملامح خصوصيته

محمد سيف/باريس

بلا شك أن المحور الذي طرحه الناقد والكاتب المرموق لطفي العربي السنوسي، ينفتح ويثير في نفس الوقت، أسئلة تتعلق بالنظريات النسوية والاجتماعية والتحليل النفسي أو النظريات الجنسانية الأخرى (الجندر)، التي تؤسس من خلال المسرح والأنثوية مسارا انعكاسيا وحساسا حقيقة، تهب منه رياح الحرية، سواء في اختيار الأساليب أو الأعمال. وسؤاله الرئيسي المطروح بما معناه أو وحسبما فهمناه، هو: ما هو المسرح والنقد النسوي؟ وما هي خصوصيتهما؟ وهذا يجعلنا نتساءل بدورنا: كيف التمييز بين ما هو “نسوي” و “نسائي” و “إنثوي”، وفقا للمعاير السياسية والفنية والاصطلاحية التي تؤيد وتقيم مثل هذه المفاهيم؟ وهل هناك حقا ما يميز الواحد عن الآخر في المسرح أو النقد أو حتى في السلطة في يومنا هذا؟ إن هذا الطرح يشكك في مسألة الجنس والنوع ومكانة المرأة في السلطة وعالم المسرح. وفيه بلا شك إشارات ضمنية لما يسمى بـ (مسرح المرأة)، أي مسرح يتكون من مؤلفات ومخرجات إناث، وإلى “المسرح النسائي”، وهو مسرح يصنع من قبل نساء أو رجال يبحثون عن رؤية أنثوية للعالم، بواسطة المسرح النسائي، أي مسرح يعمل على انتقاد الهيمنة الذكورية ويدافع عن تحرير الجنس الأنثوي. وهذا ما يحيلنا إلى الأسباب القديمة (الأخلاقية والدينية) التي أقصت المرأة من المسرح وباقي الأنشطة الأخرى (مع بعض الاستثناءات بلا شك)، وكأن المسرح يقاوم المرأة، لأنه مرتبط، كعمل تمثيلي، بالمجال العام، مما يضعنا أمام افتراض مفاده ان المسرح سياسي، لأنه يؤدى في الأماكن العامة. وبما ان السياسة ذكورية، فإن المسرح هو فن ذكوري في الأساس. وهذه الفرضية تدعو إلى الفروق الدقيقة لفكرة بيير بورديو التي تضع شخصية الفنان إلى جانب المرأة وشخصية العالم ورجل الأعمال إلى جانب المذكر، مع الأخذ بالاعتبار بالأنشطة التمثيلية والتأملية التي تتعارض مع العمل الإنتاجي، والاستخفاف بالفن باعتباره حيزا سياسيا. لذلك فإن المسرح والأنثوية يسعيان إلى التشكيك في هذه العلاقة، التي هي ليست بأي حال من الأحوال قاتلة ولكنها لا تزال متأصلة في تمثيلنا. ولهذا لا ينبغي لنا الاستسلام لها وترك حلها على عهدة الزمن، أو انتظار إحراز تقدم بصورة طبيعية، أو المطالبة بحصة نسبية، بل لا بد من التنديد بـ “الإحباط” و “السلبية المعاصرة” ومواجهة هذه المسألة التي نحاول التقليل منها إلى أدنى حد، على الرغم من أنها تشكل إشكالية حقيقية. في ظل هذه القضية السياسية، تبرز ضمنيا مسألة العلاقة بين الجنس الأنثوي والفن المسرحي. وعندما نتحدث عن ” الجنس الأنثوي”، فإن هذا يجب أن يفهم بغض النظر عن أي تحيز بيولوجي حقيقي، كنوع الجنس، في مقابل العضو الذكري، مما يجعل وجود الأنثى معارضا بصرامة للذكر، علما أن الأنثوية يمكن أن تكون محايدة وتتعايش بسلام مع الذكورية في نفس الكائن. فالمؤنث ليس معادلاً لمفهوم “الأنوثة”، وإذا كنا قد ربطنا المؤنث الأساسي بالتمثيلات المعيارية، فذلك لأن المؤنث هو بالضبط ما يفلت من كل قوة، مثلما تقول موريل بلانا . إن نوع الشخصية، في المسرح، التي تلعب على الحدود المليئة بالثغرات بين المذكر والمؤنث هو المتخنث، الذي تمس وظيفته واقعًا اجتماعيًا وسياسيًا، من خلال زعزعة الهويات الجنسية والتشكيك في الهيمنة الذكورية في زمن العرض المسرحي. (تورية جبران، مثلا، في دور السيد بونتيلا وتابعه ماتي، في الكتابة الجديدة لهذه المسرحية من قبل محمد قوتي، والممثلة الألمانية انجلي وينكي التي مثلت دور هاملت في إخراج المخرج الألماني بيتر زودك، وإلى آخره ) فالتنكر بلباس الجنس الآخر (Le travestissement) يسمح للأنوثة بالحصول على السلطة، وتصبح أداة لمعرفة المذكر والمؤنث نفسه، مثلما تسمح لها بزعزعة جنس الشخصيات، في رغباتها ومعاييرها الاجتماعية. وهكذا، يصبح المسرح بعد ذلك مكانًا مثاليًا حيث يتم تحرير الأنواع نفسها من القاعدة، وحيث يكتسب التنكر بلباس الجنس الآخر، صدى انتِهاكيّ، على الصعيدين السياسي والاجتماعي والإيروتيكي. وبالتالي، فإن هذا التنكر، والتبادل في الأدوار بين الجنسين، يصبح في المسرح بمثابة قوة خيالية لا مثيل لها، تسمح للقارئ/المتفرج بتثوير نظرته وتغيرها وجعلها اكثر انفتاحا على العلاقات بين البشر. وهذا يدل على أنه لا يوجد رجال من جهة ونساء من جهة أخرى. بدلا من ذلك، هناك من ناحية أشخاص يقاتلون من أجل الحياة وآخرون من أجل الحصول عليها. وحتى لو كانت الهيمنة الاجتماعية على مدى قرون من الزمان قد استبعدت المرأة إلى حد كبير عن عالم الإبداع الأدبي الذكوري، فإن النساء كن دوما من الشخصيات المحورية في هذا الإبداع. من أنتيجون سوفوكليس إلى نورا إبسن، بما في ذلك مدام بوفاري لفلوبير، تجسد كل هذه الشخصيات النسائية العظيمة في الأدب، النقيض تمامًا للكائن الخاضع الذي أراده لهن المجتمع الرجولي في كثير من الأحيان من خلال التقليل من شأنهن. ثم هل يمكن أن يكون هناك تناقض جذري بين التمثيل الاجتماعي “للجنس الثاني” وتمثيله الفني؟ إلى أي مدى ساعد الأدب، وخاصة المسرح، في المشاركة في تحرير المرأة والنضال من أجل المساواة بين الجنسين؟ وأخيراً، الآن، وبعد أن أصبح المجال الأدبي والمسرحي المقدس أكثر انفتاحاً على النساء، فماذا عن هذه الشخصيات النسائية التي تكتب أو تخرج أعمالا مسرحية؟ وبماذا يختلفن في نتاجهن عن نتاجات الذكور؟ وهل حقا هناك ثمة اختلافات بينهما؟ أسئلة كثيرة تدور في الرأس، ونحن نتأمل في هذا المحور الذي يلقي بنا مباشرة بعلاقة الرجل بالمرأة وانعكاسها منذ القدم على جميع الأنشطة الثقافية والفنية بشكل عام، والمسرح بشكل خاص. ومن أجل تجنب التكرار، والكلام المعاد، حول عملية إقصاء المرأة من قبل الرجل، وانتحال شخصيتها على المسرح سواء في الغرب أو باقي بقاع العالم؛ وعدم الرجوع إلى الوراء وإلقاء الضوء على الحركات التحررية التي قادتها المرأة في العالم؛ وعدم التنقيب والنبش في الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المصطلحات أو تلك التوصيفات (المسرح النسوي، والأدب النسائي، والنقد النسوي)، والتي ظهرت كما نعلم نتيجة لحركات سياسية واجتماعية حاولت في شكلها ومضمونها أن تضع المرأة في مكانها الذي ظلّ فارغا لسنوات طويلة.

وإذا كان التأنيث الأخير للفن الحديث، المرتبط بأزمة عالمية في قيم القوة، قد حدث، فالفضل يرجع فيه أيضًا جزئيًا إلى الرجال، الذين أصبحت كتاباتهم تهتم بالجانب الأنثوي منذ ثمانينيات القرن العشرين. ولقد خضع المسرح “الذكورية” للتساؤل والاستجواب، وما تم فهمه من “البنية القضيبية المهيمنة، التي ارتبطت بقيم مثل التكنولوجيا، والإتقان، والقوة، والحرب، والعنف، التي صارت الإنسانية اليوم تخجل منها إلى حد ما منذ الجرائم التي ارتكبت في القرن العشرين. منذ ذلك الحين، والمؤلفون المعاصرون صاروا يعملون على تأنيث فنهم، بحيث لم يعد اتجاه الكتابة النسوية حصرا على النساء وتأنيثهن للكتابة الدرامية. ولهذا لا يمكن أن نجعل من الرجل المسؤول عن هذا الغياب في المقام الأول، على الأقل في وقتنا الحاضر، لأنه على الرغم من حالة التغيب التي تعرضت لها المرأة، فقد كانت حاضرة في جميع كتاباتهم ومعالجاتهم الفنية، إذ لا نجد ولا نصا مسرحيا تقريبا لم تكن المرأة فيه عنصرا أساسيا، وعليه فإن غيابها في فترة ما لم يكن تجاهلا، وإنما حضورا وتمثيلا لا بد منه، لا سيما أن الرجال والنساء يولدون دائمًا متساوون. وعليه فإن هذه التصنيفات والاصطلاحات (المسرح والنقد النسوي، والخ)، لم تعد اليوم ذات فعالية، وإذا كانت ما تزال تستعمل في أوساطنا المسرحية العربية بشكل خاص، فلا تعني في شكلها ومضمونها مفهوما أو اتجاها له خصوصيته وتفرده عن مفهوم المسرح بشكل عام. إن هيجل، وكانط وشوبنهاور والى آخره من الفلاسفة سواء القدماء والمعاصرون، لم يكتبوا فلسفة خاصة بالرجل، وإنما في الإنسانية جمعاء، وهذا هو حال المسرح أيضاً.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏ظافر جلود‏‏، ‏نص مفاده '‏سيف محمد Muhamad Sef‏'‏‏
<img class="j1lvzwm4" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />
<img class="j1lvzwm4" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />
<img class="j1lvzwm4" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />
Muhamad Sef، Gamal El-Feshawy و٢٨ شخصًا آخر
٥٢ تعليقًا
مشاركة واحدة
أعجبني

تعليق
مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى